لم يكن التخبّط والأزمات التي تمرّ بها البلاد عند استلام الدكتور حسان دياب والوزراء إدارة الحكومة يخولّهم تحقيق إنجازات تنتشل البلاد من أزماته، غير أنّ الإصلاحات الوزارية التي وضعتها الحكومة آنذاك، أعطت دفعًا للمواطنين للتمكّن من الاستمرار في ظل الظّروف الاقتصادية، المالية، والاجتماعية السيّئة.
باكورة عمل حكومة دياب وضع خطّة إنقاذ اقتصادية، هدفت إلى حماية أموال المودعين، تقوية المصارف وإعادة هيكلتها، العمل على تدبير دعم خارجي بأكثر من 10 مليارات دولار، وكذلك دعم مؤتمر “سيدر” وفق ما أكّده دياب في حينه.
إنّ الخطة التي أنجزت منها الحكومة 97% ممّا تعهّدت به بعد مرور 100 يوم من نيلها الثقة، تُعتبر، بحسب ما أكّده الرئيس دياب، الأرضية الصلبة التي يمكن البناء عليها لإعادة تكوين البنية المالية والاقتصادية للبنان.
وتحقّق ذلك من خلال خطط الدعم التي حاولت من خلالها الحكومة احتواء جزء من تداعيات الأزمة على العائلات الأكثر حاجة، وقد استفاد منها بشكل مباشر نحو مليون لبنانيّ، وقد ارتفع هذا العدد ليصل إلى ما يقارب مليوني لبنانيّ مستفيد عن طريق المساعدات التي وُزّعت عبر البلديات والجمعيات والمؤسّسات.
إنّ خطط الحكومة للدعم الاجتماعي مُوّلت بقرض من البنك الدولي بلغت قيمته 246 مليون دولار أميركي، مقسّم على 5 مكوّنات، ويمتدّ إلى 13 سنة ونصف السنة، ولا يزال معمولًا به لغاية اليوم. ويضمّ برنامجين للتحويلات النقدية الشهريّة، هما برنامج شبكة الأمان الاجتماعية- “أمان”، وبرنامج التّغطية الواسعة للمساعدات النّقدية المعروف بالبطاقة التموينيّة.
إنّ مشروع “أمان”، الذي تمّت الموافقة عليه في كانون الثاني، أسّس لنظام شبكة أمان اجتماعي يستهدف الأسر الأكثر عوزًا من خلال إنشاء منصّة “دعم” التي تُعتبر أول سجل اجتماعي وطني رقميّ في لبنان. وسمحت المنصّة بتسهيل تقديم التحويلات النقديّة بفعالية وكفاءة وشفافية لنحو 82 ألف أسرة تستوفي معايير الفقر المدقع وهشاشته المعتمدة ضمن المشروع لمدّة تصل إلى 14 شهرًا.
كما اعتمد المشروع آلية متينة لمعالجة التظلّمات من خلال إنشاء مركز اتّصال يستجيب للاستفسارات الواردة من مقدمي الطلبات بسرعة وكفاءة. كما كلّف المشروع جهة خارجية للتحقّق من أهليّة الأسر المستفيدة والتأكّد من حسن صرف التحويلات للأسر المستحقّة في مواعيدها المقررة.
إلى ذلك، كشفت مجموعة البنك الدولي أن المسح الذي أُجري لمتابعة الأسر المستفيدة من البرنامج، أوضح أنه بعد تلقّي التحويلات، كانت الإنفاق الأكبر لدى الأسر المستفيدة على الغذاء بنسبة 43%، تلته الرعاية الصحيّة بنسبة 12%. وأفادت نحو 99% من الأسر المستفيدة بتحسّن أوضاعها المعيشيّة بعد تلقّي التحويلات، في حين أفادت 66% من الأسر المستفيدة التي لديها أطفال أنّ التحويلات سهّلت من معدل الانتظام بالدراسة.
وقد اعتبرت نائبة رئيس الحكومة ووزيرة الدفاع والخارجية آنذاك زينة عكر، أنّ البرنامج “يشكّل خطوة مهمة لزيادة الدّعم للأسر الأكثر فقرًا”، متبنيّة المشروع قالبًا ومضمونًا، إذ سبق إقراره إجراؤها لسلسلة اجتماعات مع لجنة المال والموازنة للبحث في مشروع “خطة الأمان الإجتماعي والتحفيز” لدعم الأسر والمؤسّسات الصناعيّة الصغيرة والمزارعين والحرفيّين.
وهذا ما دفع بالوزيرة عكر إلى المساهمة مع سواها في إقرار البرنامج، وحرصت على أن تكون أوّل الحاضرين خلال توقيع اتّفاقيّة القرض، وذلك خلال اجتماع عُقِد في السراي الحكومي برئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب.
وبعد إقرار المشروع، سعت عكر خلال تواجدها في منصبها مع المنظمات الدولية لتأمين استمرارية هذا البرنامج، فعقدت اجتماعات عديدة مع ممثّلين دوليّين ومحليّين، من بينها الاجتماع الذي عقدته مع مدير برنامج الأغذية العالمي في لبنان عبد الله وردات.